عمار مسعود، إعلامي باكستاني، المقال ترجمة عن مقال منشور على صحيفة وي نيوز الباكستانية

حزب الشعب الباكستاني: صراعات سياسية واستراتيجيات متناقضة

منذ فترة طويلة، كانت السياسة تعتمد على صراعات ونقاشات بين حزبين سياسيين فقط، جميع النزاعات السياسية كانت بين حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية (ن) وحزب حركة الإنصاف الباكستانية. أي قضية كانت تتحول إلى معركة بين الحزبين، مما يمنع النقاش حول أي شيء آخر.

اعتاد الناس على رؤية الوضع السياسي من منظور هذين الحزبين فقط، ففي أي مسألة، يسعى الناس لمعرفة موقف عمران خان أو نواز شريف؟ لا يوجد منظور سياسي آخر بين الجمهور.

ينغمس الناس في تبعية قادتهم لدرجة أنهم أحيانًا لا يرون الأمور الواضحة أمامهم. يجب على المهتم بأمور باكستان أن يفكر، من المستفيد من هذا الصراع بين فيلين سياسيين؟ هل لاحظ أحد هذا من قبل؟ هل تساءل أحد عمن يربح هذا الصراع في كل مرة؟ قد تظن أنني أشير إلى المؤسسة العسكرية، ولكن لا، هناك أمور أخرى دائرة.

في الآونة الأخيرة، المستفيد هو حزب الشعب الباكستاني، فالحزب لا يجلب ثورة، ولا يقف ضدها، وأعضاؤه لا يعارضون المؤسسة ولا يعلنون دعمهم لها، ولا يدعمون الحكومة ولا يتخلون عنها، ولا يصبحون صوت الشعب ولا يبحثون عن حلول لمشاكل الناس، ولا يلتزمون بحقوق الإنسان ولا يتوقفون عن الدعوة إليها، ولا يتخذون موقفًا واضحًا في أي قضية ولا يتحدثون بوضوح.

داخل حزبهم، يهتفون من وقت إلى آخر أن: (رئيس الوزراء هو بلاول بوتو)، ويعيدون شعار الوعد السياسي للشعب: (الخبز، والملابس، والمأوى)، ويقدمون أدلة على أن بوتو لا يزال حيًا، والحقيقة هي: أن هذا الحزب أصبح الآن حزبًا يبحث عن الفرص، دون أن يتحمل عبء أي أيديولوجية.

تحملت الرابطة الإسلامية الباكستانية (ن) عبء حكومتها التي استمرت ١٦ شهرًا، دون أن يسأل أحد عن بلاول بوتو الذي كان يسافر حول العالم كوزير خارجية في حكومتها، ويمنح وزارات لأعضاء حزبه المفضلين، ثم ينتقد الحكومة نفسها عندما تواجه صعوبات، وكأنها ليست حكومته. هذا التناقض والانفصال هو هوية وسياسة حزب الشعب الباكستاني في الفترة الأخيرة، حتى هذه اللحظة، لا أحد يعرف موقف حزب الشعب الباكستاني؟ هل هو حليف للحكومة أم لا، وهل سيدعم الحكومة في الأوقات الصعبة أم سيطالب بمزيد من المناصب الدستورية؟

إقرأ أيضا:  وزير التخطيط الباكستاني: علاقاتنا مع الصين تتعزز رغم محاولات التضليل

إذا صرح حزب الشعب الباكستاني اليوم أنه لن يأخذ حقائب وزارية، فهل يعني ذلك أنه لن يسعى لها غدًا؟ اليوم، وبفضل التعاون مع الرابطة الإسلامية الباكستانية (ن)، يستحوذ على جميع المناصب الدستورية، فهل سيهدد الرابطة الإسلامية الباكستانية (ن) بسبب هذه المناصب غدًا؟ بدون موقف وأيديولوجية، لم يكن هذا النهج السياسي أسلوب حزب الشعب الباكستاني، ولكن لسوء الحظ، أصبح هذا النهج الآن منهجه ومصيره.

يمكن وصف السياسة الحالية لحزب الشعب الباكستاني بالابتزاز، أو بأي اسم آخر، لكنها محبطة لأنصار الحزب الأيديولوجيين، إذ أن هؤلاء الذين كانوا يتغنون بفطنة ذو الفقار علي بوتو، ويذكرون شجاعة ابنته بينظير بوتو، ليس لديهم الآن ما يحكون عنه، إذ أنهم لم يحلموا يومًا بحزب انتهازي كهذا، والذي يطعن محسنيه في الظهر في اللحظات الحرجة، لا يفصح عن الحق، وسياسته مليئة بالغموض، والتردد، وعدم اليقين، محملة بأسوأ أداء، ومتهم بالفساد، تحت سيطرة عائلة واحدة، إذ ما زال الإقطاعيون يحكمون، وتتحول السياسة في الحزب إلى طاعة لعائلة واحدة باسم الديمقراطية، يبحثون عن مصلحتهم في صراع الحزبين الآخرين.

انظر إلى المفارقة، كنا نسمي الشخص الذي يقف مع حزب الشعب ولديه وعي سياسي بـ(جيالا) -العضو الذي يقف مع حزبه في جميع الأحوال-، والآن نطلق هذا الاسم على من يجمع الغنائم في الحروب السياسية.

الناس يقيمون أداء حزب الشعب الباكستاني بناءً على المناصب الدستورية التي يحتلها أعضاؤه، والسلطات التي يتمتعون بها، ويتابعون ابتزاز الحزب للحكومة عند أي فرصة سانحة، ويضغط عليها قبل كل ميزانية.

هذا هو الأسلوب التقليدي لتقييم أداء حزب الشعب الباكستاني، ولكنه ليس الطريقة الصحيحة، فإذا ما أردت تقييم أداء حزب الشعب الباكستاني، فاذهب إلى القرى الفقيرة في إقليم السند حيث يحكم الفقر على البشر، فتش عن الحزب في شوارع كراتشي المدمرة، والبؤس المخيم في حيدر آباد، وبين الناس المفقودين، وشاهد البشر والحيوانات يعيشون ويموتون معًا في المناطق الداخلية للسند، ابحث عن ذو الفقار بوتو بين الفقراء الذين يرفعون شعارات: (بوتو حي)، بينما دفن العديد من أعضاء الحزب في ظل هذا الشعار.. ولا يزال الحزب يهيمن على هؤلاء الفقراء.

إقرأ أيضا:  الهجوم على ترامب: تداعياته السياسية وأوجه التشابه مع باكستان

شاهد أيضاً

الأزمة الاجتماعية والسياسية في المجتمع: من العنف اللفظي إلى التطرف

السلوك الاجتماعي وعدم الاستقرار السياسي (جويرية صديق | دنيا نيوز) إن ما يتحدث عنه الممثلون …