تسنيم الريدي | أكدت إحصاءات البنك الدولي هذا العام أن نسبة الفقر في باكستان بلغت 44.7 ٪ ، بينما تجاوز الفقر المدقع 16.5 ٪ من السكان، أي ما يعادل حوالي 1.9 مليون شخص إضافي دخلوا دائرة الفقر خلال أشهر قليلة، ولهذا تواجه البلاد أزمة إنسانية متفاقمة خاصة مع الكوارث الطبيعية التي تضرب البلاد بشكل متكرر كان أبرزها الفيضانات الأخيرة التي شردت ملايين المواطنين، والصراعات المحلية التي خلفت أكثر من 2.1 مليون شخص لا يزالون في حالة نزوح داخلي يعيشون في المخيمات بسبب انهيار البنى التحتية والمرافق الأساسية بحسب تقارير الأمم المتحدة.
الجاهزية المسبقة لدعم النازحين
وعن أوضاع النازحين يقول رضوان بيك أحد رواد العمل الإغاثي في باكستان:” يعاني النازحون هنا من انعدام الأمن الغذائي، وندرة الخدمات الصحية، ونقص المياه النظيفة، إضافة إلى ضعف الوصول للتعليم وفرص العمل، ما يهدد بتفاقم دائرة الفقر، خاصة وأن الاستجابة الإنسانية دون مستوى الاحتياج لتأمين الإيواء والدعم النفسي والاجتماعي، ما يستدعي تدخلاً عاجلاً وشاملاً لتخفيف معاناة المتضررين وضمان كرامتهم الإنسانية!
ويتحمّل الأطفال هناك العبء الأكبر من الأزمة الإنسانية، حيث يعيش ملايين منهم في ظروف قاسية تُهدد سلامتهم الجسدية والنفسية، حيث إن أكثر من 11 مليون طفل باتوا خارج مقاعد الدراسة، إلى جانب تدمير أكثر من 27 ألف مدرسة، ما حرم مئات الآلاف من الأطفال من حقهم في التعليم، خصوصاً في أقاليم السند وبلوشستان وخيبر”.
32 عاماً من الإغاثة المتواصلة في باكستان وآسيا
وبشكل عام تعتبر آسيا من أكثر القارات معاناة بعد أفريقيا والشرق الأوسط وبخصوص دور المؤسسة الإنساني والإغاثي يضيف قائلاً: ” عملنا على الاستعداد الدائم والجاهزية المسبقة والمناسبة لمواجهة الطوارئ، ولذلك كان التواجد لتقديم الدعم اللازم لإغاثة المنكوبين بعد الإعصار الذي ضرب جنوب شرق آسيا عام 1994 واستمر لمدة 33 يوماً متواصلاً، مما لحق أَضراراً بليغة عملنا بعدها لسنوات على تتبع احتياجات النازحين هناك.
وفي عام 1995 عملت الفرق الإغاثية بالتوازي وبجهود مكثفة في الهند وبنغلاديش عقب الفيضانات، ثم في كشمير والشيشان وكوسوفو عقب الحرب الضارية التي ألحقت ضرراً بالغاً وتسبب في موجة كبيرة من النزوح.
الإيواء في خيام عالية الجودة لحفظ كرامة النازحين
وعن جهود فرق الإغاثة التي تعمل بالتوازي في دول عديدة يضيف عمر ممدوح أحد منسقي الإغاثة في مخيمات النازحين قائلاً: “في عام 2003 بدأنا جهود حثيثة لدعم النازحين المدنيين بسبب زلزال باكستان والذي استمرت آثاره لمدة 4 أعوام، وكذلك النازحين من الحرب في أفغانستان من خلال توفير الخيام عالية الجودة وقوية الصنع.
وخلال العام 2004 توسع نشاطنا الإغاثي لدعم النازحين بسبب الفيضانات حتى عام 2008، وخلالها عملنا على الرعاية الصحية لمنع انتشار الأمراض، وتوفير مياه الشرب النظيفة وبناء الصرف الصحي داخل المخيمات.
وخلال الأعوام من 2019 – 2022 عملنا على رعاية النازحين من تفشي وباء الكورونا، حيث لم تتواجد لديهم فرص الدعم المتاحة للمدنين، وعقبها مباشرة موجة الفيضانات الجديدة التي ضربت باكستان في نفس الوقت.
كما عملنا في نفس الوقت على دعم النازحين في افريقيا في: مالي والسنغال واوغندا وجامبيا وساحل العاج ونيجيريا في آن واحد بسبب الجفاف والمجاعات والفيضانات.
مشروعات تنموية طويلة الأمد لمواجهة الفقر في باكستان
وعن ضرورة المشروعات التنموية طويلة الأمد في باكستان يوضح ريزوان بيج قائلاً: ” في الأساس يجب التركيز على مشروعات الإغاثة الطارئة المتنوعة، ودعم النازحين وتوفير الإيواء المؤقت، ومشاريع رعاية الأيتام بداخل مخيمات الإيواء ودعم تعليم الصغار في المراحل الابتدائية والاعدادية، وتوفير المياه النظيفة وحفر الآبار، إلى جانب المشروعات الموسمية في رمضان والأضحى والأعياد، وتأهيل الأطفال للعودة إلى المدارس، ومشروعات توفير مستلزمات الشتاء ومواد التدفئة والملابس، والرعاية الصحية للاجئين والنازحين في مخيمات الإيواء.
ومن بعدها ضرورة العمل على إعادة تأهيل المدارس وتوفير المنح التعليمية الجامعية، وإعادة تشغيل الآباء ومولدات الكهرباء في مناطق مخيمات الإيواء، إلى جانب بناء المراكز الصحية والمجتمعية، والعمل على التأهيل النفسي للأطفال”.
من مخيمات الإيواء.. عزيمة الأطفال تصارع الظروف
ومن داخل أحد مخيمات إقليم السند وقفت آيا البالغة من العمر 9 سنوات ممسكة بكتابها المبلل من جراء الفيضانات قائلة: ” هذا بقايا كتابي الدراسي، فما بال ما أصاب الخيمة بأكملها؟! لكنني سأسعى لاستكمال تعليمي رغم الصعاب، فأنا أتطلع لمستقبل أفضل مما أنا فيه الآن، والتعليم هو الخلاص”.
أما خالد 11 عاماً من أحد مخيمات كويتا فيتحدث عن معاناته قائلاً: ” بعد وفاة أبي أنا المسؤول عن أمي المريضة وأخوتي، أذهب صباحاً لجمع الحطب، وأحاول توفير الطعام، وليلاً أحرس الخيمة، لكنني أشتاق لوقت قصير أعود فيه طفلاً وألعب كرة القدم”.