بعد شهور من الانفصال عن الجهات الدولية، قررت طالبان الأفغانية المشاركة في اجتماع الدوحة الذي ترعاه الأمم المتحدة والمقرر عقده نهاية هذا الشهر. هذه الخطوة تُعد تقدمًا دبلوماسيًا في إعادة الحكومة الأفغانية إلى طاولة الحوار حول مجموعة من القضايا، رغم غياب قضايا رئيسية مثل الأمن الإقليمي وحقوق المرأة عن جدول الأعمال.
تعد هذه المحادثات، التي تبدأ في ٣٠ يونيو، المرة الأولى التي يشارك فيها الحكام الحاليون في كابول في اجتماع للمبعوثين الدوليين حول أفغانستان منذ أن بدأ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش هذه العملية في مايو ٢٠٢٣م، بهدف تطوير نهج عالمي متماسك وموحد للتعامل مع طالبان.
سيناقش الاجتماع الخطوات المستقبلية لتقييم الوضع في أفغانستان، الذي تم تفويضه بموجب القرار ٢٦٧٩، والذي يدعو إلى تقييم مستقل للوضع في البلاد.
كانت طالبان قد قاطعت الاجتماع الثاني في الدوحة في فبراير الماضي، ولم تُدعَ إلى الاجتماع الأول في مايو من العام الماضي. وجاء قرار طالبان بالمشاركة في الحوار الذي تقوده الأمم المتحدة رغم ترك قضايا حيوية، مثل حقوق المرأة والأمن الإقليمي، خارج جدول الأعمال.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأفغانية، عبد القهار بلخي، الأسبوع الماضي، أن كابول قررت المشاركة بعد مناقشة جدول الأعمال وقائمة المشاركين. وقال مسؤول أفغاني آخر إن حكومته استجابت بشكل إيجابي لدعوة الأمم المتحدة لأن جدول الأعمال لا يحتوي على قضايا مثيرة للجدل.
انتقادات حقوقية لغياب النساء
غاب عن الاجتماع النساء الأفغانيات والمدافعين عن حقوق الإنسان، مما أثار انتقادات من منظمات حقوقية مثل منظمة العفو الدولية. وقالت أنييس كالامارد، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، إن مصداقية اجتماع الدوحة “ستكون في خطر إذا لم يتم تناول” وضع حقوق الإنسان في أفغانستان بشكل كافٍ ولم يتم إشراك المدافعات عن حقوق المرأة.
كما أشار ريتشارد بينيت، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في أفغانستان، إلى أن “نمط انتهاكات حقوق المرأة والفتيات الأساسية من قبل طالبان قد تفاقم، مما تسبب في أضرار هائلة تمتد عبر الأجيال وعناصر المجتمع في أفغانستان.”
انقسامات حول نتائج المؤتمر
ينقسم الخبراء الأفغان حول النتائج المحتملة للمؤتمر. الدكتور حاتم مختار من مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية في كابول يرى أن “مؤتمر الدوحة الثالث سيفشل مثل الثاني، ولن يقبل الناس قراراته إلا إذا كان للأفغان آلية وطنية، مثل مجلس الشيوخ الكبير (لويا جيرغا) الذي يتماشى مع تاريخهم”.
ومع ذلك، يرى الدكتور عبد الشكور، الذي يدرس السياسة والاقتصاد في جامعة كابول، أن مشاركة مسؤولي طالبان في هذه المحادثات تصب في مصلحة الأفغان وكذلك طالبان، لأنها تتيح فرصة للتفاعل المباشر مع المسؤولين الكبار من اللاعبين العالميين الرئيسيين.
الأمن ليس على جدول الأعمال
يشمل جدول أعمال الاجتماع جهود مكافحة المخدرات ومناقشة البدائل لزراعة الخشخاش؛ القضايا المالية والمصرفية؛ وتغير المناخ. رغم ذلك، هناك اعتراف بأن العديد من المسائل المهمة تُترك خارج النقاش فقط للحفاظ على جو ودي.
تعتبر إسلام آباد من أكثر المنتقدين لكابول في هذا الصدد، متهمة إياها بإيواء مجموعات مثل حركة طالبان باكستان المحظورة (TTP). وقد اتهمت باكستان أيضًا أفغانستان بعدم التحرك ضد الجماعات التي تستخدم أراضيها لشن هجمات، مثل الهجوم الأخير في بيشام على المهندسين الصينيين.
كما تواجه كابول انتقادات من جيرانها الآخرين، مثل أوزبكستان وإيران وطاجيكستان، وتخضع للمراقبة الدولية بسبب الهجمات الأخيرة التي شنتها جماعة الدولة الإسلامية في خراسان (IS-K) ودعمها لفصائل متعددة من تنظيم القاعدة.
بناء الثقة
قال منصور أحمد خان، السفير الباكستاني السابق في أفغانستان، إن “التفاعل الهادئ بين الحكومة الأفغانية المؤقتة والأمم المتحدة، وكذلك الولايات المتحدة وحلفائها” قد أدى إلى موافقة طالبان على المشاركة في الحوار. وأكد أن هذا الاجتماع قد يكون مقدمة لاتفاق بين طالبان والمجتمع الدولي لرسم خريطة طريق للمضي قدمًا.
وأشار خان إلى أن طالبان تفهم أن قراراتها كحكام للدولة الأفغانية سيكون لها تأثير حاسم على علاقاتها مع العالم. وأوضح أن المجتمع الدولي يرسل رسالة مفادها أن إبقاء بلد مثل أفغانستان في عزلة لفترة طويلة ليس في مصلحة السلام والأمن الدوليين ولا في مصلحة الشعب الأفغاني.
نُشر في صحيفة (دون الباكستانية) بتاريخ: ٢٤ يونيو ٢٠٢٤ | الكاتب: طاهر خان